د.عوني الجرو: :ذهبت لأبحث عن زوجتي فوجدت قدم يوسف الصغيرة، ثم رأيت الجزء السفلي من زوجتي ثم وضعته بجانب جزئها العلوي، ووجدت رأس يوسف ويده ووضعتهما بجانب بعضهما وخرجت من المنزل، محاولاً إنقاذ ابنتي ياسمين وابني عبد الرحيم"
تخيل أن زوجتك كانت تعد الفطائر، ويومك يوم عادي مثل باقي الأيام، فالمنزل دافئ والأبناء يدرسون، وفجأة تسقط عليك قنبلة تشطر كلا من زوجتك وابنك الرضيع إلى نصفين وتصيب الباقين بجروح، كما حدث مع د।عوني الجرو، الذي استشهدت زوجته الأوكرانية ألبينا وابنه يوسف أمام ناظريه، فأخذ يبحث عن أجزائهما، ويرتبها بحيث يكونان بجانب بعضهما، علهما يتواسيان في موتهما، قبل أن يهرب مع ابنه وابنته الناجيين، وما هو أشد مأساوية أنه حتى هذه اللحظة لم يدفن جثتيهما.قال الجرو (37عاماً) ورأسه ملفوف بالضمادات وعينيه شاردتان: "ابني يوسف الذي جاء بعد سنين كلنا نحبه ونقوم بتدليله، نطعمه ونسقيه، وحريصين عليه ولم يبلغ عاما ونصف العام بعد، ضحكته تجلجل في البيت، وينتهي الأمر بأن تبحثي عن قدمه ويده الصغيرتين".
وأضاف البداية ذهبت لأبحث عن زوجتي فوجدت قدم يوسف الصغيرة، ثم رأيت الجزء السفلي من زوجتي ثم وضعته بجانب جزئها العلوي، ووجدت رأس يوسف ويده ووضعتهما بجانب بعضهما وخرجت من المنزل، محاولاً إنقاذ ابنتي ياسمين وابني عبد الرحيم"।وقال: "كنا نجلس في هدوء، وألبينا تعد الفطائر، وفجأة دخلت أربع قذائف المنزل، إحداها عبرت من فوق رأسي ودخلت شظاياها فيه وأصابت فك ابنتي ياسمين ووجه ابني عبد الرحيم، والأخرى اتجهت مباشرة إلى المطبخ فأصابت زوجتي في خصرها وشطرتها نصفين، كما مزقت ابني الصغير يوسف".وزاد "حصلت ألبينا (36عاما) على الهوية الفلسطينية منذ فترة قريبة، وكانت مشتاقة لأهلها جداً فهي لم تزرهم منذ اثني عشر عاماً"، مضيفاً أنها في بداية الحرب لم تكن تريد أن تغادر إلى بلدها كما غادر بعض الأجانب وتترك عائلتها، فهي كانت متمسكة جداً ببيتها، بل رفضت أن تخلي البيت رغم أنه قريب من المنطقة الحدودية، فلم تتخيل نفسها تقيم عند غرباء وتترك بيتها.
وقال ابنها عبد الرحيم، الذي لا يسمع جيداً بعد إصابته بجانب أذنه وهو يبكي "ما في حاجة بحياتي بتبدل حنانها وحبها"، مضيفاً أن أكثر ما يؤلمه أن والدته وشقيقه لا يزالان ملقين هناك في البرد والعتمة।وأوضح أن والدته كانت حينها تصنع لهم فطائر على الطريقة الروسية، ذاكراً أسماء بعض الوجبات الروسية التي يفضلها منها، وأن آخر شيء رآه قبل أن يدخل للغرفة ليدرس أنها كانت تطعم شقيقه يوسف وهي تحضنه.وقال عوني إنه لا يفهم لماذا فعل الاحتلال ذلك، واستهدف منزلهم بشكل مباشر لهذه الدرجة، منوها إلى أنه يشعر بالحزن الحقيقي، وكلما مر الوقت يكون أصعب، ذاكراً أنه لم يخبر ابنته ياسمين حتى الآن بموت والدتها وشقيقها يوسف.وأضاف أنهم ركضوا معاً مسافة كيلومتر حتى يضع من تبقى من عائلته في أمان، مشيرا إلى أنه يحاول عبر السفير الأوكراني أن يجلب الصليب الأحمر الجثتين، لكن الجيش الإسرائيلي لم يسمح بذلك حتى الآن.وينام عوني وابنه عبد الرحيم عند أصدقاء لهم، ويحاول أن يبقى متماسكاً، خاصة أمام ابنته ياسمين التي لا تزال ترقد في مستشفى الشفاء.وقال عوني وهو يبتسم بأسى: 'أنا وألبينا لنا ذكريات جميلة معا، فقد تقابلنا أول مرة في عام 1993، وكنا طالبين في الجامعة"، ذاكرا أنهما بقيا معا حتى قررا الرجوع إلى غزة في العام 1997.
منقول بإذن د/ عوني الجرو